دار المسنين

ماذا يفعل المسنون داخل دار رعاية المسنين، هل يزورهم أحد؟.. هل لهم أقارب؟.. أيهما أكثر إقبالاً على الإقامة في دار المسنين آدم أم حواء؟.. وما هي مدة هذه الإقامة؟.. وما هي الحالة الصحية والاجتماعية لهؤلاء النزلاء؟..
الحالة الاجتماعية والصحية:

أشارت الدراسة - التي تناولت نزلاء هذه الدار في الفترة من يوليو 1991م وحتى يوليو 1998م والذين بلغ عددهم 132 نزيلاً- إلى أن 57.6% من النزلاء نساء، بينما بلغت نسبة الرجال 42.4 % فقط.

أما بالنسبة للحالة الاجتماعية فقد أوضحت الدراسة أن النزيلات بالدار أغلبهن أرامل بنسبة 90.8 %، وأن السيدات المتزوجات لا يلتحقن بالدار إلا في الأحوال النادرة، وقد التحقت إحدى السيدات بالدار مع زوجها، في حين أن نسبة الأرامل من الرجال بعد استبعاد الذين لم يتزوجوا حوالي 34.8 %، ويرجع هذا إلى وفيات الرجال في سن منخفضة عن النساء، والنسبة المتبقية من الرجال النزلاء هم المتزوجون، وبما أن الدار تستقبل أساسًا غير القادرين صحيًّا يتضح تدهور صحة الرجال في سن مبكرة عن النساء.

كما يلاحظ أن عدد الرجال المتزوجين يساوي تقريبًا غير المتزوجين (20:19)، في حين أن عدد النساء المتزوجات بالنسبة لغير المتزوجات هو (2:31).

وتشير إحصائيات الحالة الصحية للنزلاء إلى أن 63% منهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، و37% من أمراض القلب والأوعية، 19% من مرضى السكر، 20% من الأمراض الروماتيزمية وأمراض العظام، وحوالي 16% يعانون من الشلل بأنواعه، 29% يعانون من عدم التحكم في البول أو البراز، 46% يعانون من ضعف الذاكرة وعدم التركيز، و35% من ضعف السمع، 45% من ضعف الإبصار، و21% من اضطرابات نفسية، هناك بعض الأمراض الأخرى مثل: أمراض الجهاز البولي والجهاز الهضمي والكبد والبروستاتا.

وفيما يتعلق بأعمار النزلاء أشارت الدراسة إلى أن أكثر نزلاء الدار من النساء تتراوح أعمارهن بين 70-79 عامًا، وأكثر نزلاء الدار من الرجال هم في الفئة العمرية من 60 إلى 69 عامًا، وعدد النساء تحت سن 70 عامًا يشكلن نسبة 22.4 % من جملة النساء في حين أن نسبة الرجال تحت نفس السن (70 عامًا) هو 39.3 % من جملة الرجال، عدد النساء فوق 80 عامًا حوالي 28 نزيلة في مقابل 15 رجلاً فقط في نفس الفئة العمرية.

حول مدة الإقامة:

وفيما يتعلق بمدة الإقامة أظهرت البيانات أن الغالبية العظمى من النساء تتراوح مدة إقامة كل منهن بين شهر وعامين، أما بالنسبة للرجال فيظهر بوضوح العدد الكبير من النزلاء الذين لم تمتد إقامتهم لأكثر من ثلاثة أشهر، مما يشير إلى أن الرجال لا يتأقلمون بسهولة على الإقامة بالدار؛ ولذا يزداد عدد من يتركها سريعًا، وإذا حدث التأقلم النفسي فإن الإقامة تمتد لسنوات طويلة.

أسباب ترك الدار:

ولخروج المسن من الدار وتركه لها عدد من الأسباب أهمها: الإحساس بالغربة، وعدم التأقلم مع البيئة الجديدة، وعودة أحد الأبناء أو الإخوة من الخارج للإقامة في مصر، انتهاء الظروف العائلية الطارئة التي أدت إلى دخوله الدار، إصابة النزيل بحالة مرضية تستدعي دخوله المستشفى، وقد لوحظ أن نسبة الرجال التي ظلت بالدار لفترة عامين فأكثر تعدت الـ 15%، وهي نسبة عالية وتعني تأقلم الرجال للإقامة بالدار إذا تخطوا فترة القلق وهي عادة الشهر الأول وحتى الثالث
قضاء الوقت:

قد يكون أكثر الأسئلة أهمية في معرفة الإجابة عنها هو هل يزور الأبناء والأقارب نزلاء دار المسنين؟!

وفي الإجابة عن هذا السؤال توضح الدراسة الحالية أن أكثر من نصف نزلاء الدار لهم ابن أو أكثر، وحوالي 25% من النزلاء تفتقد وجود الأبناء والزوجة والإخوة والأخوات وعدد من ليس له أقارب يعرفهم هو عدد قليل جدًا، ومع هذا فالملاحظ أن عدد الزيارات بشكل عام لنزلاء الدار هي قليلة جدًا، فحوالي 60% من النزلاء لا يزورهم أحد من أقاربهم إلا مرة واحدة في الشهر على أكثر تقدير، وأما نسبة من يتم زيارتهم مرة أو أكثر كل أسبوع وحتى أكثر من مرة في الشهر هو حوالي 40% فقط، وكل هذا ينعكس على الحالة المعنوية للنزيل، وبالتالي يؤثر على حالته النفسية والصحية، ويتم الاتصال تليفونيًّا بأقارب النزلاء في حالة تأخرهم عن زيارة المسن النزيل وطلب حضورهم مرة على الأقل كل شهر، كما يمكن للنزيل في الدار الاتصال بأقاربه تليفونيًّا في أي وقت يشاء بنفسه.

وترجع أسباب قلة زيارة المسن بالدار إلى: ضيق الوقت لدى الأقرباء..صعوبة المواصلات..عدم القدرة ماليًّا لمصروفات المواصلات..عدم الوفاء.

ويبقى السؤال الآخر الذي يفرض نفسه الآن هو: كيف يقضي المسنون أوقاتهم داخل هذه الدار بخلاف أوقات الغذاء والحمام؟

وتشير الدراسة هنا إلى أن المسن المصري يميل إلى قلة الحركة، ويفضل الجلوس ومشاهدة التليفزيون أو الاستماع إلى الراديو، والحديث مع من حوله واسترجاع الذكريات، وقد يستغل وقته في قراءة الجرائد والمجلات، إذا كان نظره سليمًا وكان على درجة من الثقافة، وقد يستهلك بعض الوقت في الألعاب الخفيفة مثل الدومينو، كما أن القليل من المسنين يستهلك بعض الوقت في قراءة الكتب، والكثير من المسنين يقضي وقته جالسًا في الحديقة، والبعض يمارس رياضة المشي في فترات متقطعة، ويقضي كثير من النزلاء وعلى الأخص السيدات وقتًا طويلاً في الصلاة.

ومن جانب المسئولين بالدار ينظمون احتفالاً شهريًّا يحتفي فيه بأعياد ميلاد النزلاء مجمعة خلال الشهر ويقدم لكل منهم هدية رمزية، ورحلة كل شهر ولمدة يوم كامل لزيارة أحد الشواطئ أو الحدائق للنزلاء.

وفيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي لنزلاء تبين الدراسة أن حوالي نصف النزلاء يميلون إلى الوحدة وعدم الاندماج مع الغير، والنصف الآخر سريع التأقلم مع من حوله، النزلاء الذين يميلون للهدوء هم الأعلى نسبة من نزلاء الدار، يليهم ذوو المزاج المتقلب ثم الذين يميلون إلى المرح، ونسبة النزلاء المصابين بحالة اكتئاب وذوي الميول العصبية قليلة جدًا، والتعاون مع الغير كل الوقت أو بعض الوقت هو صفة سائدة بين النزلاء.
منقول